الأستاذ عمر أحمد محمد التكروري التميمي (رحمه الله)

وُلد الأستاذ عمر أحمد محمد التكروري التميمي في حلحول عام 1915. كان والده، الشيخ أحمد التكروري التميمي، إمامًا وخطيبًا لمسجد النبي يونس، وقد غرس في أبنائه حب المعرفة والتعلم، وهي قيمةٌ عزيزةٌ على قلب العائلة.




تلقى الأستاذ عمر تعليمه في المدرسة الإبراهيمية في الخليل، ثم تابع دراسته في الكلية العربية في القدس، حيث تخصص في اللغة الإنجليزية.

بدأ مسيرته المهنية في أوائل الثلاثينيات كمدرسٍ في بئر السبع، حيث خدم لسنوات عديدة. ثم أصبح مديرًا لمدرسةٍ في بيت دجن قرب يافا، وهو المنصب الذي شغله حتى النكبة عام 1948، والتي أجبرته على الانتقال إلى الخليل.

كان الأستاذ عمر وطنيًا متحمسًا، وشارك بنشاطٍ في الثورة الفلسطينية، وخاض معاركَ عديدة. في بئر السبع، ساهم في تخطيط وتنفيذ عمليةٍ ناجحةٍ لتحرير مركز شرطةٍ محلي من سيطرة البريطانيين. وواصل مشاركته في المقاومة حتى وقوع النكبة. بعد النكبة، استقر الأستاذ عمر في حلحول، حيث بنى منزلًا للعائلة عام 1954. عمل مديرًا لمدرسة حلحول، ولعب دورًا هاما في مشروع شراء أراضٍ لبناء مدارس في المدينة. أسفرت جهوده عن إنشاء ثلاث مدارسٍ أساسية: مدرسة حلحول الثانوية للبنين، ومدرسة حلحول الثانوية للبنات، ومدرسة الرشيد الإعدادية وأرض المزرعة التابعه للمدرسة الثانوية.

امتد تفانيه في التعليم إلى ما وراء حلحول. فقد شغل منصب مدير مدرسة الكرك الثانوية لعدة سنوات قبل أن يعود إلى الخليل لقيادة مدرسة الحسين بن علي الثانوية، وهو إنجازٌ توج مسيرته المهنية الحافلة. أدار هذه المدرسة من عام 1963 إلى عام 1971.

وفي هذه الفتره زار بيت الله حاجا ومعتمرا شاكرا لله على ما انعم به وتفضل، ثم انتقل الأستاذ عمر بعد ذلك إلى مكتب التربيه التابع لوزارة التربية والتعليم، حيث عمل موجها للغة الانجليزيه ورئيسًا للموجهين.

احيل الى التقاعد عام 1975 بعد أربعين عامًا من الخدمة المتفانية في مجال التربية التعليم.

تقديرًا لمساهماته، مُنح وسام وزارة التربية والتعليم الأردنية من الدرجة الثانية. وهذا يعتبر من الاوسمة الرفيعه في الوزاره.

كان الأستاذ عمر رب أسرةٍ مُخلصًا، ورافقته في رحلة حياته زوجته الفاضلة، الحاجة زكية جميل عبد الرزاق سلطان، وكانت خيرَ سندٍ وداعمٍ له في مسيرته. وقد أثمر هذا الزواج عن ثمانية أبناء وست بنات، على الرغم من أنهما فقدا ابنًا وابنةً في طفولتهما. فقد عملا على تربية أبنائهما على قيم الدين والإيمان والعلم والأخلاق الحميدة واستثمر في تعليم أبناءه وبناته الذين أكملوا مسيرة والديهم في طلب العلم وخدمة المجتمع.

فقد أصبح أحمد ومحمود طبيبين مُتَمَيِّزين بعد تخرجهما من كلية طب جامعة الإسكندرية في مصر، وسار صلاح على دربهما وحصل على شهادة الطب من الجامعة الأردنية، ثم تابع تخصصه في ببريطانيا ليُصبح حائزًا على درجة الدكتوراه من جامعة مانشستر العريقة. أما عمران، فقد جمع بين التحصيل العلمي في مصر والولايات المتحدة، حيث حصل على البكالوريوس من جامعة مصرية والماجستير من جامعة هارفارد ذات الصيت العالمي. واتجه خالد نحو الهندسة الإلكترونية ، فدرس هندسة الإلكترونيات في بريطانيا. أما زياد، فقد تخرج من كلية التجارة في الجامعة الأردنية. ودرس حاتم في البرمجه وعلوم الحاسوب في جامعة بوليتكنك فلسطين.

وسارت بناته الخمس على خطاه، مُكرسات حياتهن للتعليم، حيث تخرجن من دار المعلمات، وعملن في سلك التربية والتعليم كمربيات لسنوات عديدة، كلٌّ منهنّ حملت رسالة العلم والمعرفة، الحاجة منوليا، والحاجة هناء، والحاجة ميسون، والحاجة نبيلة، والحاجة بشرى. ولم يقتصر دورهن على التعليم المدرسي، بل امتد إلى تحفيظ القرآن الكريم، حيث حفظت كلٌّ من الحاجة نبيلة والحاجة بشرى كتاب الله برواية حفص عن عاصم، وأصبحتا تُعَلِّمان علوم القرآن للطالبات.

توفي الأستاذ عمر عام 1979 ودُفن في مسقط رأسه في حلحول، بجانب والديه، في المدينة التي أحبها وخدمها طوال حياته.

لتخليد ذكراه، أطلقت وزارة التربية والتعليم اسمه على مدرسةٍ في حلحول ("مدرسة عمر التميمي")، والتي يتخرج منها مئات الطلاب كل عام.